موقع السراج

Alsiraj Banner Image

الرد على مزاعم وجود أيات عنف في القرآن الكريم

بعض المباديء السمحة في الإسلام
ثالثا: المودة و الرحمة

يستهل المسلم قراءته للقرآن الكريم بقول: (بسم الله الرحمن الرحيم) و كلمتي (الرحمن) و (الرحيم) مشتقتان من كلمة (الرحمة) . و (الرحمة) اسم مشتق من (الرحم). يقول تعالى في كتابة العزيز : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) – سورة الاعراف آية 156 هذه الآية تثبت بما لا يدع مجالا للشك ان رحمة الله تعالى ليست قاصرة على فئة معينة و انما وسعت كل شيء. و يقول تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) – سورة الانبياء آية 107 اي ان بعثة النبي صلى الله عليه و سلم هي:

  1. للعالمين كافة لا لفئة معينة و لم تكن حكرا على العرب و انما هي رحمة للعالمين
  2. الغرض منها الرحمة و ليس القسوة و التشديد بل الرحمة و نشر القيم السامية كالحب و العادل و التسامح...الخ

أراد الله تعالى ان يرينا الطريق الصحيح ليس لاحتاجه لعبادتنا –حاشا لله- فهو الغني و انما اراد تعالى ضبط معايير الحياة لنا فنحسن التعامل مع بعضنا البعض بحيث تكون الحياة افضل لنا جميعا للمسلم و غير المسلم و لهذا فان سبب ارسال الانبياء كلهم هو الرحمة بالمخلوقات و المحبة لهم و ليس الاستعباد و الجبر و القسوة. الاسلام أقر حق كل انسان في الاختيار و حمى هذا الحق فرفض و ادان تسلط البشر على بعضهم البعض لهذا يقول تعالى في محكم كتابه العزيز: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) – سورة البقرة آية 256

فالله تعالى لا يريد إجبار البشر على اتباعه و انما كفل لهم حرية الاختيار و وضع الأحكام و القواعد التي تكفل هذا الحق و تحميه و منح الإنسان العقل و منحه بفضله و كرمه آيات لا تحصى لتهدينا إليه سبحانه و تعالى لنختار جواره و طريقه سبحانه و تعالى طواعيةو من هذا نفهم الحكمه وراء حقيقة أن كل احكام الإسلام مغلفة بالرحمة و المودة و في آية اخرى قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) – سورة المائدة آية 54 رجاء تأمل بمن سيستبدل الله تعالى من يخرج من كنف الاسلام ليس القوي او الغني و لا صاحب المكانة و انما من ارتبط بخالقه برباط المحبة الخالصة و تأمل ايضا انه سبحانه و تعالى قدم محبته لهم على محبتهم له سبحانه فهو المبادر بالحب و هو الغني عن كل خلقه.

روى عبد الله ابن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال: ((الرَّاحمونَ يرحمُهُمُ الرَّحمنُ ارحَموا من في الأرضِ يرحَمْكم من في السَّماءِ ، الرَّحمُ شَجْنةٌ منَ الرَّحمنِ فمن وصلَها وصلَهُ اللَّهُ ومن قطعَها قطعَهُ اللَّهُ)) – رواه الترمذي كتاب البر و الصلة

وعن عبد الله بن عمر و عائشة ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ((ما زالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بالجارِ، حتَّى ظَنَنْتُ أنَّه سَيُوَرِّثُهُ)) – رواه البخاري و مسلم

كما قال صلى الله عليه و سلم ((واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ
قيلَ: مَنْ يا رسولَ اللَّهِ؟
قالَ: الَّذي لا يأْمنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ)) - مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وفي روايةٍ لمسلمٍ: (لا يَدْخُلُ الجنَّة مَنْ لا يأْمَنُ جارُهُ بوَائِقَهُ). و تمتد الرحمه في الإسلام لتشمل كل كائن حي فعن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ((عُذّبت امرأة في هرّة ، سجنتها حتى ماتت ، فدخلت فيها النار ؛ لا هي أطعمتها ، ولا سقتها إذ حبستها ، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض)) - متفق عليه

و في الاسلام تعتبر الرحمة فوق العدل ففي خلافة عمر بن الخطاب و بالتحديد عام 640 ميلاديا الموافق آخر عام 17 هـ (سمي عام الرمادة) عانت الجزيرة العربية من جفاف شديد و انقطع المطر و مات الزرع مما ادى الى مجاعة شديدة في هذا العام اوقف امير المؤمنين عمر بن الخطاب حد السرقة.

الدليل التاريخي

  1. عندما فتح النبي صلى الله عليه و سلم مكة بعد هجرته الى المدينة و قد كان اهل مكة قد بالغوا في تعذيب و قتل المسلمين لمدة ثلاثة عشر عاما حتى حاولوا قتله صلى الله عليه و سلم قبل الهجرة مما دفع المسلمين الى الهجرة سرا الى المدينة فرارا بدينهم و ارواحهم فعندما عاد منتصرا توجس اهل مكة منه شرا و خافوا أن ينتقم منهم شر الانتقام و لكن النبي النبيل الكريم ماذا قال لهم: (( يا معشر قريش ماذا تظنون أني فاعل بكم قالوا : خيرا أخ كريم و ابن أخ كريم فقال: أقول كما قال أخي يوسف: (قَالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) – سورة يوسف آية92 - اذهبوا فأنتم الطلقاء)) - (رواه البيهقي)
  2. (العصر الذهبي للثقافة اليهودية) هذا ما أطلقه اليهود على العصر الإسلامي في أسبانيا عندما حكمهم حكام مسلمين. هذا العصر يضاد تماما (عصر محاكم التفتيش) الذي عانى فيه يهود أسبانيا عندما حكمهم حكام غير مسلمسن

حقيقة يصعب تلخيص قيمة الرحمة في الاسلام في بضع صفحات فآيات القرآن الكريم و احاديث نبينا الكريم صلى اللله عليه و سلم يعطوا أمثلة لا حصر لها تبرز الرحمة كقيمة عظيمة الشأن في الإسلم حتى قدمت على العدالة نفسها

و من هنا نستنتج الآتي:
المودة و الرحمة ليست أحلام لا توجد إلا في عالم مثالي بل الحمة معنى حقيقي يجب أن ترتكز عليه البشرية إذا اردنا النجاة و اصلاح الحياة. فالإسلام جعل هذه المفاهيم حقيقية و لهذا فإن جميع الثقافات التي ظهرت في عهود الدولة الاسلامية القديمة نمت و برزت محافظين على هويتهم. هذا الدين الذي أراد منا أن نرتقي في قيمنا لا يعقل أن يجيز العنف و يتقبله و لهذا فإن من ينشر الإرهاب و العنف ظنا منه أنه ينصر الإسلم فهو أبعد الناس عن الفهم الصحيح للإسلام