موقع السراج

Alsiraj Banner Image

الرد على مزاعم وجود أيات عنف في القرآن الكريم

آيات الجهاد...المعنى الحقيقي
الآيات (111:9)

قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) – سورة التوبة آية 111

فلنبدأ الحديث ببمعرفة قصة الآية
الآية الكريمة تحكي قصة المنافقين التي تحدثنا عنها في الآية السابقة حيث تخلفوا عن القتال مع النبي صلى الله عليه و سلم في غزوة (تبوك) و لم يكتفوا بالتخاذل و إنما بادروا بنشر الإشاعات لتخويف المسلمين من القتال وبث الفتنة والفرقة في صفوف الجيش المسلم و لم يكتفوا بذلك بل بنوا مسجدا ليكون مركزا خاصا بهم، يأوي إليه أهل النفاق والشقاق، وهو مسجد الضرار. هذا المسجد كان غطاءا ليجتمعوا فيه ويخططوا ضد المسلمين

في الآية 107 من سورة التوبة يفضح الله تعالى أغراضهم الدنيئة و خستهم و يأمر النبي صلى الله عليه وسلم الا يصلي في هذا المسجد أبدا أي أن الآيات السابقة للآية 111 كلنت تفضح المنافقين و توضح مكائدهم ضد المسلمين ثم يعطي الله تعالى الصورة المضادة للمنافقين و هم المؤمنون المخلصون...لماذا؟ ليطمئن المسلمين أنه تعالى معهم و يدفع عنهم السوء فلا يكترثوا لمن تخلف ولا يسمعوا لمن يحبطهم و يخوفهم

و الآن لنلق نظرو متفحصة على لغويات الآية الكريمة:

  1. لاحظ اللفظ القرآني في قوله تعالى: (يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّه) و إنتبه عزيزي القاريء لكلمة (يُقَاتِلُونَ) و هي فعل له طرفان فالله تعالى لم يقل (يقتلون) و إنما (يُقَاتِلُونَ) و يدعم ذلك بقوله (فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ) أي أن العدو قوي و أنه قد يقتلهم أو يقتلوه و من هذا يتضح أنهم حرب بين جيشين و ليس قتل في مدنيين بلا ذنب كما يدعي البعض و قوله تعالى : (فِي سَبِيلِ اللَّهِ)‏ توضح جليا أنّ اللّه تعالى يشتري الأرواح والجهود والمساعي التي تبذل وتصرف في سبيله أي سبيل إحقاق الحق والعدالة ، والحريّة والخلاص لجميع البشر من قبضة الكفر والظلم والفساد
  2. لاحظ اللفظ القرآني: (وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ) فهذا الوعد بالجنة لم يقتصر على القرآن و إنما نفس الوعد موجود كذلك في التوراه و الإنجيل لمن يقاتل دفاعا عن دينهو رجاء لا تنسى أن للحرب في الإسلام شروط و ضوابط صارمة و أولها أنها حرب لرد العدوان دفاعا عن النفس أو لضمان حرية الإختيار لسائر البشرو تخليصهم من قبضة الكفر والظلم والفساد و قد ذكرنا أمثلة من التاريخ تمثل تطبيقا عمليا لضوابط الحرب في الإسلام و أنهم لم يجبروا و لا يسمح الإسلام لهم أن يجبروا أحد على إعتناق الإسلام و لا تنسى (العصر الذهبي للثقافة اليهودية) في أسبانيا عندما حكمها المسلمون
  3. الآية اللاحقة يقول الله تعالى فيها: (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنْ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ) – سورة التوبة 112 و هي إستمرار لسرد صفات المؤمنين الحق فالمؤمن الحق ليس فقط المقاتل الصنديد و إنما هو التائب عن ذنوبه و العابد و الراكع لله تعالى و هو الإيجابي الذي يشجع الناس على فعل الخير يثنيهم عن فعل الشرور و من يتبع أوامر خالقه

    إذن فالإسلام ليس دين حرب و قتل و إنما هو دين يسمو بالروح و يحث معتنقيه على عبادة الواحد الأحد و التوبة (لأن الإسلام لا يفترض فينا عدم الخطأ لاننا جميعا خطائون لهذا باب التوبة لا يغلق ابدا و لا يحتاج لوسيط) و كذلك لم يغفل الإسلام الجانب الإجتماعي و الحياتي للمسلم فحث على نشرالخير و التشجيع عليه و التكافل الإجتماعي لهذا كانت الزكاة فرضا على المسلم القادر (0.025% كلما مر عام على الأموال و الممتلكات)...الخ

    و من هنا يتضح أن محاولة النظر للإسلام على أنه دين حرب فهو تحامل غير مقبول لأن معناه إغفال متعمد لأغلب أحكام الإسلام و للحكمة الإلهية التي أرسلت للبشر هذا الدين لإصلاح حياتهم فترك الدين و الحديث فقط عن الحرب في الإسلام كأنها قوامه الأساسي افتراء مرفوض فالحرب في الإسلام شق صغير من الدين لا يسمح به إلا إضطرارا و له ضوابط صارمة ليت العالم الحديث يقتدي بالإسلام و يفرضها على نفسه في حروبه الحديثه...