موقع السراج

Alsiraj Banner Image

الرد على مزاعم وجود أيات عنف في القرآن الكريم

آيات الجهاد...المعنى الحقيقي
الآية (9: 20)

قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ) – سورة التوبة 19-20

أولا لنضع الآية الكريمة في سياقها قال تعالى: (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ) – سورة التوبة 19-20

حقيقة توجد قصتان خلف هذه الآية:

  1. عن النعمان بن بشير قال: كنت عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل: ما أبالي أن لا أعمل عملاً بعد أن أسقي الحاج وقال الآخر: ما أبالي أن لا أعمل عملاً بعد أن أعمر المسجد الحرام وقال آخر: الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم فزجرهم عمر وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوم الجمعة ولكني إذا صليت دخلت فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما اختلفتم فيه ففعل فأنزل الله تعالى:  (أَجَعَلتُم سِقايَةَ الحاجِّ وَعِمارَةِ المَسجِدِ الحَرامِ) إلى قوله تعالى:  (وَاللهُ لا يَهدي القَومَ الظالِمينَ) - رواه مسلم عن الحسن بن علي الحلواني عن أبي توبة
  2. وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، في تفسير هذه الآية ، قال : نزلت في العباس بن عبد المطلب حين أسر يوم بدر قال : لئن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد ، لقد كنا نعمر المسجد الحرام ، ونسقي الحاج ونفك العاني ، قال الله عز وجل: (أجعلتم سقاية الحاج) إلى قوله: (والله لا يهدي القوم الظالمين)

ترفض الآية الكريمة المساواة بين رعاية الحجيج و خدمة المسجد الحرام و هي كلها أعمال يأخذ فاعلها عليها أجر مادي بمن تحمل مشاق الدعوة لوجه الله تعالى دون انتظار لأجر من إنسان حيث كان مشركو مكة يقومون بحماية المسجد الحرام و رعاية الحجيج و سقايتهم كل هذا من أجل النفع المادي حيث كانوا مركز التجارة في الجزيرة العربية بسبب وجود المسجد الحرام على أراضيهم كيف يتساوى هذا مع من تحمل العذاب و النفي من بلده حفاظا على دينه فالآيتان تعلنان عدم مساواة الطرفين و يعد الله تعالى الذين آمنوا و هاجروا و ضحوا بممتلكاتهم و أنفسهم لوجهه تعالى بأن يكونوا أعلى درجة و مقاما عند الله تعالى أنهم هم الفائزون في النهاية

و من هنا نلاحظ الآتي:

  1. الجهاد في سبيل الله لا يعني إعلان الحرب و إنما –كما أوضحنا من قبل- له أنواع عديدة و لكن ذروتها جهاد النفس و مقاومة الشهوات و الرغبات. هذا هو (الجهاد الأكبر) فعن فَضَالَة بْن عُبَيْدٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: ((أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالْمُؤْمِنِ؟ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللهِ ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذَّنُوبَ)) - ورواه الترمذي (1621) مختصرا ، ولفظه : (المُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ )

    وقال ابن القيم رحمه الله في (زاد المعاد - 3/ 6) : (( كَانَ جِهَادُ النَّفْسِ مُقَدَّمًا عَلَى جِهَادِ الْعَدُوِّ فِي الْخَارِجِ ، وَأَصْلًا لَهُ ، فَإِنَّهُ مَا لَمْ يُجَاهِدْ نَفْسَهُ أَوَّلًا ، لِتَفْعَلَ مَا أُمِرَتْ بِهِ ، وَتَتْرُكَ مَا نُهِيَتْ عَنْهُ ، وَيُحَارِبهَا فِي اللَّهِ : لَمْ يُمْكِنْهُ جِهَادُ عَدُوِّهِ فِي الْخَارِجِ))
    الإسلام سؤال و جواب - حديث : ( الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللهِ )

  2. إعلان الحرب في الإسلام لابد أن يتبع قواعد و شروط صارمة سابق ذكرها و أولها تعرض المسلمين للإعتداء أو وجود قوة طاغية تجبر الناس على اعتناق دين أو مذهب معين دون إرادتهم أو إجبارهم على ترك دين أو مذهب معين إرضاء لحاكم ظالم..هنا وجب على المسلمين التدخل و هذا التدخل تحكمه قواعد و مباديء لا يسمح بتجاوزها لماذا اذن أعتبر البعض هذه الآية الكريمة عنيفة و عدائية...هل صار عيبا أن نقر أن العمل الخالص لوجه الله تعالى أجل و أعلى مكانة عند الله تعالى من العمل المدفوع الأجر..هل من الغريب أن يعد الله تعالى من ضحى بحياته إعلاء لمباديء الحرية و الحق بالنصر...متى صار مكافأة الصدق و الإخلاص جريمة أو دعوة للعنف..؟ لماذا يصر البعض على قصر معنى (الجهاد) على (القتال) رغم المرات التي لا تحصى التي وضح فيها أئمة الإسلام خطأ هذا الفكر و أن (القتال) هو أحد أنواع الجهاد و هي حالة خاصة و ضع الله تعالى لها الكثير من الضوابط و القيود