موقع السراج

Alsiraj Banner Image

إخباره صلى الله عليه وسلم عن قتل مسيلمة الكذاب

عن ابن عباس قال: قدم مسيلمة الكذاب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فجعل يقول: إن جعل لي محمد الأمر من بعده تبعته، وقدمها في بشر كثير من قومه، فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ثابت بن قيس بن شماس، وفي يد النبي صلى الله عليه وسلم قطعة جريد حتى وقف على مسيلمة في أصحابه، فقال: إن سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها، ولن تعدو أمر الله فيك، ولئن أدبرت ليعقرنك الله، وإني أراك الذي أريت فيه ما أريت وهذا ثابت بن قي يجيبك عني، ثم انصرف

قال ابن عباس: فسألت عن قول النبي صلى الله عليه وسلم " إنك الذي أريت فيه ما أريت "، فأخبرني أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بينا أنا نائم رأيت في يدي سوارين من ذهب، فأهمني شأنهما، فأوحي إلي في المنام أن أنفخهما فنفختهما فطارا، فأولتهما كذابين يخرجان من بعدي، فهذان هما أحدهما العنسي صاحب صنعاء، والآخر مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة
أخرجه البخاري ومسلم في الرؤية

معاني الحديث الشريف
قوله : ( إن جعل لي محمد الأمر من بعده ) أي الخلافة ; وسقط لفظ " الأمر " هنا عند الأكثر وهو مقدر ، وقد ثبتت في رواية ابن السكن وثبتت أيضا في الرواية المتقدمة في علامات النبوة

قوله : ( وقدمها في بشر كثير ) ذكر الواقدي كما تقدم أن عدد من كان مع مسيلمة من قومه سبعة عشر نفسا ، فيحتمل تعدد القدوم كما تقدم

قوله : ( ولن تعدو أمر الله ) كذا للأكثر ، ولبعضهم لن تعد بالجزم وهو لغة ، أي الجزم بلن ، والمراد بأمر الله حكمه . وقوله : " ولئن أدبرت " أي خالفت الحق ، وقوله : " ليعقرنك " بالقاف أي يهلكك

قوله : ( وهذا ثابت بن قيس يجيبك عني ) أي لأنه كان خطيب الأنصار ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أعطي جوامع الكلم فاكتفى بما قاله لمسيلمة وأعلمه أنه إن كان يريد الإسهاب في الخطاب فهذا الخطيب يقوم [ ص: 692 ] عني في ذلك ، ويؤخذ منه استعانة الإمام بأهل البلاغة في جواب أهل العناد ونحو ذلك

قوله : ( أريت ) بضم أوله وكسر الراء من رؤيا المنام ، وقد فسره ابن عباس عن أبي هريرة وهو الحديث الثالث ، وسيأتي شرحه في تعبير الرؤيا إن شاء الله تعالى

قوله : ( من ذهب ) من لبيان الجنس لقوله تعالى : وحلوا أساور من فضة ووهم من قال : الأساور لا تكون إلا من ذهب فإن كانت من فضة فهي القلب

قوله : ( فأهمني شأنهما ) في رواية همام التي بعدها (فكبرا علي)

قوله : ( أحدهما العنسي ) وهو الأسود ، وهو صاحب صنعاء كما في الرواية الثانية ويؤخذ من هذه القصة منقبة للصديق رضي الله عنه ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - تولى نفخ السوارين بنفسه حتى طارا فأما الأسود فقتل في زمنه ، وأما مسيلمة فكان القائم عليه حتى قتله أبو بكر الصديق فقام مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك ، ويؤخذ منه أن السوار وسائر آلات أنواع الحلي اللائقة بالنساء تعبير للرجال بما يسوءهم ولا يسرهم