موقع السراج

Alsiraj Banner Image

بنو شيبان

ويذكر صاحب كتاب"البداية و النهاية" الامام عماد الدين أبوالفداء اسماعيل بن عمر بن كثير (ت774ه¯) أن وفدا من بني شيبان جاء للحج في السنة الثانية للهجرة وأن النبي محمدا "صلى الله عليه وسلم" قابل زعماء هذا الوفد وهم المثنى بن حارثة الشيباني ومفروق بن عمرو الشيباني وهانئ بن قبيصة الشيباني والنعمان بن شريك الشيباني وعرض نفسه عليهم وكان برفقته ابو بكر الصديق وعلي بن ابي طالب

فقال لهم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: ((ادعوكم لشهادة ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واني رسول الله وان تؤووني وتنصروني حتى اؤدي عن الله الذي امرني به, فإن قريشا قد تظاهرت على أمر الله وكذبت رسوله واستغنت بالباطل عن الحق والله هو الغني الحميد))

قال له مفروق بن عمرو الشيباني: والى ما تدعو يا أخا قريش؟

فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وقل تعالوا اتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا)) إلى قوله ((ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون))

فقال له مفروق: والى ما تدعو ايضا يا أخا قريش, فوالله ما هذا من كلام اهل الارض ولو كان من كلامهم لعرفناه

فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون))

فقال له مفروق: ((دعوت والله يا أخا قريش الى مكارم الاخلاق ومحاسن الاعمال ولقد أفك قوم كذبوك وتظاهروا عليك)) وكأنه أحب ان يشركه في الكلام هانئ بن قبيصة الشيباني
فقال: ((وهذا هانئ بن قبيصة شيخنا وصاحب ديننا))

فقال له هانئ: ((قد سمعت مقالتك يا أخا قريش وصدقت قولك واني ارى ان تركنا ديننا واتباعنا إياك على دينك لمجلس جلسته الينا ليس له اول ولا  آخر لم نفكر في أمرك وننظر في عاقبة ما تدعو اليه زلة في الرأي وطيشة في العقد وقلة نظر في العاقبة وان ما يكون الزلة مع العجلة وان من ورائنا قوما يكرهون ان نعقد عليهم عقدا ولكن نرجع وترجع وننظر وتنظر)) وكأنه أحب ان يشركه في الكلام المثنى بن حارثة الشيباني
فقال:((هذا المثنى شيخنا وصاحب حربنا))

فقال المثنى: ((قد سمعت مقالتك واستحسنت قولك يا أخا قريش واعجبني ما تكلمت به, والجواب هو جواب هانئ بن قبيصة وتركنا ديننا واتباعنا اياك لمجلس جلسته الينا, وانا انما نزلنا بين صريين (الصري: هو كل ماء مجتمع) احدهما اليمامة والآخر السماوة))
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:((ما هذان الصريان؟))
فقال له: ((اما احدهما فطفوف البر وارض العرب واما الآخر فأرض فارس وأنهار كسرى وانما نزلنا على عهد اخذه علينا كسرى ألا نحدث حدثا ولا نؤوي محدثا ولعل هذا الامر الذي تدعونا اليه مما تكرهه الملوك, فأما ما كان مما يلي بلاد العرب فذنب صاحبه مغفور وعذره مقبول واما ما كان يلي بلاد فارس فذنب صاحبه غير مغفور وعذره غير مقبول فإن اردت ان ننصرك ونمنعك مما يلي بلاد العرب فعلناه))
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أسأتم الرد اذ افصحتم بالصدق)) ثم استمر قائلا: ((انه لا يقوم بدين الله الا من احاطه من جميع جوانبه))
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أرأيتم ان لم تلبثوا إلا يسيرا حتى يمنحكم الله بلادهم واموالهم ويفرشكم بناتهم أتسبحون الله وتقدسون؟)) فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا))

ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم من مجلس بني شيبان قابضا على يد ابي بكر, قال علي بن ابي طالب: ((ثم التفت الينا رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: يا علي أية اخلاق للعرب كانت في الجاهلية؟ ما اشرفها بها يتحاضرون في الحياة الدنيا))
أي ان القوم ارادوا الاسلام بشرط عدم مشاركتهم في أي قتال يقع مستقبلا يلي بلاد الخليج و ذلك خوفا من مواجهة الفرس الذين هم على الضفة الاخرى من الخليج فلو كان النبي صلى الله عليه و سلم طالب دنيا لوافق مبررا ذلك بالاحتياج السياسي لنصرة هؤلاء القوم له وهو يعلم صلى الله عليه و سلم ان الاسلام دعوة عالمية وسوف يحارب الفرس