موقع السراج

Alsiraj Banner Image

هل حقاً نحن عبيد لجيناتنا

العوامل الجينية المتوارثة من الآباء لها أثر كبير في سلوك أبنائهم و من ثم فالأبناء لا يملكون التحكم فيما ورثوه عن آبائهم و من ثم هم مسيرون (نحن عبيد لجيناتنا) كما إدعى ريتشارد دوكينز في كتابه (الجين الأناني The Selfish Gene) الذي إدعى فيه ان الكائن الحقيقي الوحيد هو الجين و أنه يستغل الكائنات الحية لتحقيق اهدافه و خلوده و هو من يفرض على الإنسان سلوكياته و من ثم سلوكياتنا كبشر تسودها الأنانية و لا توجد إرادة بشرية حقيقية

الرد على هذا الرأي
نقولها بوضوح : نحن لسنا عبيدا لجيناتنا للأسباب و الأدلة الآتية

  • غرابة فكر ريتشارد دوكينز و جيناته الأنانية كافية للرد عليه و مع هذا فليفسر لنا العالم الكبير السلوكيات البشرية كالتضحية و الإيثار رغم أن من يحركهم هو جين وصفه بالأناني
  • كيف يضحي الجسم (المكون من جينات أنانية) ببعض خلاياه من أجل صحة باقي الجسم فمثلا كرات الدم البيضاء تحارب الميكروبات فيقتل العديد منها دفاعا عن سائر الجسم كيف لم يغلب عليها فكر الأنانية الجينية التي يدعيها دوكنز
  • دوكنز نفسه فسر سلوك كالإيثار كما يلي: "بالرغم أن الإنسان ليس إلا جيناته فإنه يستطيع بطريقة ما التمرد عليها و القيام بغير ما تمليه عليه فبرغم من أننا آلات جينية فلدينا القدرة على التمرد على خالقينا...الإنسان فقط هو القادر على التمرد على طغيان جيناته" The Selfish Gene, Oxford Press, 1976 page 215
  • تجربة صامويل مارشال المؤرخ الرسمي للجيش الأمريكي الذي قال ان ثلاثة من كل أربعة جنود أمريكيين لم يطلقوا نيران اسلحتهم بشكل مباشر لقتل الأعدء حتى و هم معرضون للخطر بل كان رادعهم الأخلاقي الرافض للقتل يجعلهم يترددون (عرفت هذه النسبة بمعدل مارشال لإطلاق النار في الحروب)...كيف إذن تحكمنا جينات أنانية و مع هذا نتصرف بوازع أخلاقي حتى لو كان ضد مصلحتنا
  • يوجد حاليا علم جديد يسمى بالبايولوجيا الجديدة New Biology التي ترتكز على علمين الأول هو علم التحكم في الجينات Epigenetics و الثاني هو علم تحويل الإشارات Signal Transduction الذي يدرس التفاعلات الكيميائية داخل الخلية و قد أثبتت هذه العلوم ان المؤثرات البيئية و التغيرات الداخلية يمكن ان تغير من نشاط الجينات وهذه التغيرات يمكن ان تمر للأجيال اللاحقة و من أمثلة ذلك خلايا المناعة التي تكون ما يشبه الذاكرة تسجل بها انواع البكتريا التي تغزو الجسم و هذا يعني ان الجينات يمكن التأثير عليها و برمجتها و ليست هي من تملي على الإنسان إرادتها إذن علميا نحن لسنا عبيد لجيناتنا لكن الظروف المحيطة تؤثر بها و تملي إرادتها على الجينات و ليس العكس
  • و منذ عام 2010 مولت مؤسسة تمبلتون John Templeton Foundation مشروعا تحت إشراف الفريد مل Alfred Mele أستاذ الفلسفة بجامعة فلوريدا تهتم بمجادلة الحرية و الحتمية من وجهة نظر علوم مختلفة مثل العلوم النفسية العصبية و الفلسفة و علم الإجتماع و نشرت النتائج عام 2014 و قد أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن الإنسان يتمتع تماما بحرية الإرادة و الإختيار
    (من كتاب الإلحاد مشكلة نفسية – د. عمرو شريف – ص 406)