موقع السراج

Alsiraj Banner Image

باب في اليقين و التوكل

عن عمر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول ((لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا و تروح بطانا)) - رواه الترمذي

معاني الحديث الشريف
تغدو خماصا: تذهب أول النهارضامرة البطون من الجوع
تروح بطانا: ترجع اخر النهار ممتلئة البطون
لو أنكم تتوكلون: أي لو تحقق توكلكم
على الله حق توكله: بان تعتمدوا عليه في سائر الاحوال و تروا ان الخير بيده و من عنده
لرزقكم كما يرزق الطير: ال فيه للجنس
تغدو خماصا: جمع خميص و هو ضامر البطن و خماصا حال أي خالية الاجواف من القوت
و تروح بطانا: و هو العظيم البطن و حال ايضا
قال السيوطي في قوت المغتذي : قال البيهقي في شعب الايمان : ليس في هذا الحديث دلالة على القعود عن الكسب بل ما يدل على طلب الرزق لان الطير اذا غدت فانها تغدو لطلب الرزق و انما اراد –و الله اعلم- لو توكلوا على الله تعالى في ذهابهم و مجيئهم و تصرفهم و رأوا ان الخير بيده و من عنده لم ينصرفوا الا سالمين غانمين كالطير تغدو خماصا و تعود بطانا لكنهم يعتمدون على قوتهم و جلدهم و يغشون و يكذبون و لا ينصحون و هذا خلاف التوكل

عن ام المؤمنين ام سلمة و اسمها هند بنت ابي امية حذيفة المخزومية رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه و سلم كان اذا خرج من بيته قال :((بسم الله توكلت على الله و لا حول و لا قوة الا بالله اللهم اني اعوذ بك ان أضل (بفتح الاف و كسر الضاد) او اضل (بضم الاف و فتح الضاد) او أزل (بفتح الاف و كسر الزاي) او ازل (بضم الاف و فتح الزاي) او اظلم (بفتح الاف) او اظلم (بضم الاف) او أجهل (بفتح الاف) او يجهل (بضم الياء) علي)) - رواه ابو داود و الترمذي و غيرهما

معاني الحديث الشريف
كان اذا خرج من بيته: أي اذا اراد الخروج و قيل بل هو على حقيقته : أي عقب الخروج
بسم الله: أي اتحصن
توكلت على الله: و على هذا المقام للتفويض مجازا عن الاستعلاء و قيل المراد طلب الاستعلاء بالله تعالى على مرام لتصبحه اعانته و لطفه و نحفظه من غير قصور
اللهم اني اعوذ: أي يا الله اني اعتصم و التجئ (بك) أي بقدرتك و عزتك
من ان اضل: أي اغيب عن معالي الامور بارتكاب نقائصها فأبوء بالقصور عن اداء مقام العبودية من ضل الماء في اللبن أي غاب
أو اضل: بضم الاف و فتح الضاد (مبني للمجهول) : أي يضلني غيري
او أزل: بفتح الاف و كسر الزاي أي انزل عن الطريق المستقيمة الى هوة ضدها غلبة الهوى او الاعراض عن اسباب التقوى و الانهماك في تحصيل الدنيا من زلت قدمه أي وقع من علو الى هبوط و الوزلة المكان الرطب الذي لا تثبت عليه الرجل و به يظهر ان استعمال ازل هنا نوع تشبيه
او ازل: بضم الاف و فتح الزاي أي يستولي علي من يزلني عن المقام العالي الى السفاسف الدنى او بضم الاف و كسر الزاي أي من ان اوقع غيري في مهواة الزلل:أي المعاصي و الخلل او اظلم بفتح الاف و سكون الظاء و كسر اللام أي اظلم غيري من الظلم أي وضع الشئ في غير محله او التصرف في حق الغير او اظلم ضم الاف و سكون الظاء و فتح اللام أي اظلم من أحد من العباد
او أجهل: بفتح الاف : أي اجهل الحق الواجب علي
او يجهل علي: بضم الياء في (يجهل) أي ان احمل على شئ ليس في خلقي و في الحديث (من استجهل مؤمنا فعليه اثمه) أي حمله على شئ ليس من خلق المؤمنين فأغضبه فأثمه على ذلك المحرج له لذلك

عن انس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :(( من قال-يعني اذا خرج من بيته-بسم الله توكلت على الله و لا حول و لا قوة الا بالله) يقال له هديت و كفيت و وقيت وتنحى عنه الشيطان)) - رواه ابو داود و الترمذي و النسائي و غيرهم

معاني الحديث الشريف
بسم الله: أي أتحصن
توكلت على الله: أي فوضت امري اليه و عولت في سائر الاحوال عليه
و لا حول: يجوز في حول الفتح على اعمال لا و الرفع على اهمالها
و لا قوة: بالنصب عطفا على محل (حول) ان اعملت الاولى و بالفتح على اعمال الثانية و بالرفع على اعمالها
الا بالله: و معناها لا حول عن المعاصي الا بعصمة الله و لا قوة على طاعة الله الا بالله

قال صلى الله عليه و سلم:(( كذا أخبرني جبريل عن الله تعالى)) و في شرح المشكاة للقاري : أحسن ما ورد في معناه عن ابن مسعود قال : ( كنت عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلتها فقال : تدري ما تفسيرها؟
قلت : الله و رسوله اعلم
قال : لا حول عن معصية الله و لا قوة على طاعة الله الا بعون الله) - أخرجه البزار و لعل تخصيصه بالطاعة و المعصية لانهما امران مهمان في الدين

معاني الحديث الشريف
يقال له: الجمله خبر الموصول الاسمى و القائل يحتمل ان يكون الله تعالى ام ملك
هديت و كفيت و وقيت: و هي بالبناء للمجهول في محل نائب فاعل لانه اريد منها اللفظ : أي باستعانتك باسمه تعالى و تحصنك به هديت الى الصراط المستقيم و كفيت كل مهم دنيوي و أخروي ووقيت أي حفظت من شر كل عدو و بواسطة صدقك في تفويض جميع الامر لبارئه و سلبك الحول و القوة عن كل أحد و اثباتها لله تعالى (وتنحى) بفتح أوليه و تشديد المهملة (عنه) أي مال عن جهنه و طريقه (الشيطان) فلا سبيل له اليه لكونه هدي ووقي من سائر الاعادي و كفي الهموم الخفايا و البوادي

عن انس رضي الله عنه قال كان اخوان على عهد النبي صلى الله عليه و سلم و كان احدهما يأتي النبي صلى الله عليه و سلم و الاخر يحترف فشكا المحترف اخاه للنبي صلى الله عليه و سلم فقال: ((لعلك ترزق به)) - رواه الترمذي

معاني الحديث الشريف
يحترف: يتكسب و يتسبب
عن انس رضي الله عنه قال كان اخوان: لم اقف على سماهما
على عهد: أي زمن حياة
النبي صلى الله عليه و سلم و كان احدهما يأتي النبي صلى الله عليه و سلم:و يلازمه ليتلقى من معارفه صلى الله عليه و سلم و يأخذ من اقواله و افعاله
و الاخر يحترف: افتعال من الحرفه و هي الصناعة و جهة الكسب
فشكا المحترف اخاه: في ترك الاحتراف
اخاه للنبي صلى الله عليه و سلم فقال: مسليا له و في انفراده بالاحتراف ترك اخيه الاسباب
لعلك ترزق به: أي فلعل قيامك بأمره سبب لتيسير رزقك لان الله في عون العبد ماكان العبد في عون اخيه
و في الحديث ايضا (و هل ترزقون) او قال:(تنصرون الا بضعفائكم) و فيه تنبيه على ان من انقطع الى الله و اكتفى بتدبيره عن تدبير نفسه و سكن تحت جري مقاديره كفاه مهماته و في الحديث:(تكفل الله لطالب العلم بالرزق) أي بتيسير وصوله اليه لما خرج عن حاجة نفسه و أقبل على باب مولاه و اكتفى به عن افعال نفسه و الا فما من دابة في الارض الا على الله رزقها

عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :((يدخل الجنة اقوام افئدتهم مثل افئدة الطير)) - رواه مسلم
قيل معناه متوكلون و قيل افئدتهم رقيقة

معاني الحديث الشريف
قال يدخل الجنة: ظاهره مع الفائزين كما يدل على سياقه في مقام المدح لهم والا فجميع اهل الايمان يدخلون الجنة بوعد الله تعالى الذي لا يخلف وعده
اقوام: جمع قوم وهي جماعة الرجال في الاصل من دون النساء و لذا قال تعالى: (لا يسخر قوم من قوم و لا نساء من نساء) و في عامة القران اريد به الرجال و النساء و ظاهر ما نحن فيه من قبيل الثاني
افئدتهم: في مختصر القاموس : الفؤاد القلب مذكرا او هو ما يتعلق بالمرء من كبد و رئة و قلب و جمعه افئدة و في كتاب الايمان من شرح مسلم للمصنف : المشهور ان الفؤاد هو القلب و قيل الفؤاد داخل القلب أي : الطبقة المقابلة للمعاني من العلوم و غيرها
مثل افئدة الطير: جمع طائر و يقع على الواحد و جمعه طيور او أطيار و قيل معناه المتوكلون و قيل افئدتهم رقيقة أي فهي اسرع فهما و قبولا للخير و امتثالا له