موقع السراج

Alsiraj Banner Image

الرد على مزاعم وجود أيات عنف في القرآن الكريم

آيات العنف...المعنى الحقيقي
سورة 9 الآية 123

يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنْ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) – سورة التوبة: 123

هذه الآية الكريمة نزلت ترسم للمسلمين إستراتيجية وجب عليهم إتباعها و هي أنهم إذا بدأوا بقتال الكفار فليبدأوا بمن هو أقرب اليهم (من حيث الموقع)...هذا ليس إعلان للحرب و إنما الآية الكريمة تعلم المسلمين أنهم إذا شرعوا في قتال الكفار فليبدأوا بمن موقعه أقرب إليهم ثم الأبعد فالأبعد

هذه الإستراتيجية منطقية لأن قتال الأقرب أفضل لأسباب عديدة منها:

  1. التكلفة أقل لأن نقل الجنود و العتاد سيكون أسهل و تكلفته أقل
  2. توفر المعلومات عن الأقرب كموقع جغرافي أيسر من حيث جمع المعلومات عنه و بالتالي معرفة حدود إمكانياته
  3. العدو الأقرب أشد خطورة لأن هجومه على أراضي المسلمين أسهل عليه كما كان أسهل على المسلمين حيث يمكن أن يهاجم المسلمين بغته دون توقعهم و هي ليست الحالة مع العدو البعيد الذي عليه أن يقطع مسافة طويلة للهجوم و من ثم يمكن كشفه

إذن فالآية الكريمة تعلم المسلمين إستراتيجية حرب فبالله عليك لماذا يعتبر هذا جريمة و دغوة للعنف...لا تنسى أن شروط إعلان الحرب في الإسلام و التي وضحناها من قبل سارية و لا يحق للجيش المسلم إعلان الحرب دون إتباع شروط إعلان الحرب و أخلاقيات الحرب و لا تنسى أن أحد أهم هذه الشروط الا تبدأ الأمة الإسلامية بالعداء و الحرب ضد من لم يقاتلهم أو يعتدي عليهم فإذا أعلن المسلمون الحرب ضد أحد فإعلم يقينا أنه بادرهم بالإعتداء أو التآمر فالمسلم الحقيقي لا يبادر بالعداء أبدا

و قوله تعالى: (وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً) يعني أن (الغلظة) ليست السلوك المعتاد من المسلم و هو السلوك الذي لا يجب الا يظهر على المسلم إلا في حالة الحرب فليس من الطبيعي أن تأمر الجنود في معركة حربية بالرقة أو التمتع بروح الدعابة مثلا...إنها حرب عزيزي القاريء و بالتالي لابد للقائد أن يأمر جنوده بالغلظة و هذه الغلظة و الشدة و الثبات في القتال ربما يكون الدافع الآول لوقف القتال فعندما يراى كل طرف العدو غليظا قويا فسيسعى لوقف القتال دون تردد

و الجزء الأخير من الآية الكريمة يوضح حدود (الغلظة) فتقول الآية: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله و رضي عنه أن الآية تذكر جنود الإسلام محركهم الأساسي هو الدفاع عن الإسلام و المسلمين و ليس إستعراض القوة و التباهي لهذا فالجندي المسلم التقي و الذي وعده الله تعالى بمعاونته لابد أن يلتزم بالأخلاقيات الإسلامية أثناء الحرب فلا يجوز له إيذاء العدو إذا إستسلم و لا يحق له إستخدام القوة المفرطة دون داعي الى جانب الكثير من القيود لتضع حدودا لكلمة (غِلْظَةً) و هي القيود التي أوجب الإسلام على المسلم الإلتزام بها و إلا فلا ينتظر عونا من الله و لا يعتبر مقاتلا في سبيل الله

لهذا لا أفهم سببا حقيقيا لإدعاء أن هذه الآية تدعو للعنف. هل من الخطأ أن تعلم جنودك إستراتيجيات الحرب؟ هل من الخطأ أن تحث جنودك أن يكونوا فيهم (غلظة) تجاه العدو أثناء المعركة؟ لاسيما و أنك قد حددت لهم حدود هذه الغلظة و التي تحكمها أخلاقيات الحرب في الإسلام

لن أناقش أخلاقيات الحرب في الإسلام لأننا ناقشناه بالفعل بإستفاضة في موضع آخر و أن كنت سأعطي لكم مثالا من جزء من وصية اول الخلفاء الراشدين أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه حيث يقول رضي الله تعالى عنه: (( يا أيها الناس قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عني: لا تخونوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا طفلًا صغيرًا أو شيخًا كبيرًا ولا امرأةً ولا تعقروا نخلا ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرةً مثمرةً ولا تذبحوا شاةً ولا بقرةً ولا بعيرًا إلا لمأكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرّغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم و ما فرغوا أنفسهم له))