موقع السراج

Alsiraj Banner Image

الرد على مزاعم وجود أيات عنف في القرآن الكريم

آيات العنف...المعنى الحقيقي
سورة 8 الآية 65

يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَفْقَهُونَ) – سورة الأنفال الآية 65

ما المقصود يقوله تعالى (حَرِّضِ) و التي كثيرا ما يتم ترجمتها للإنجليزية خطأ بـ(شجع)
يترجم البعض الفعل (حرض) الى الإنجليزية خطأ الى (encourage – urge) و ما يعادلهما بمعنى شجع...لمعرفة المقصود من الفعل (حَرِّضِ) في اللغة العربية –لغة القرآن التي نزل بها- فعلينا أن نتذكر أن اللغة العربية لها طرق فريدة خاصة بها لعمل المشتقات من الكلمات تجعل لكل إشتقاق معنى مختلف للآخر و هذه الآية تعتبر إحدى هذه الحالات الخاصة التي تعكس ثراء اللغة العربية و دقتها الفائقة التي تجعلها تليق بكونها لغة القرآن العظيم

في اللغة العربية كلمة (المَرَضُ) تعني علة و كلُّ ما خرجَ بالكائن الحيّ عن حدِّ الصِّحَّة و منها أشتق الفعل (مرَّضَ) و منها يمرِّض ، تمريضًا ، فهو ممرِّض بمعنى محاربة المرض و مداواة المريض القيامَ برعايته ليزولَ مرضُه و بالمثل فإن الغلاف الخارجي للبرتقالة مثلا يسمى (قشرة) و منها إشتقت (قَشّر) أي أزال القشرة و منها إسم الآلة (قَشّارة) وهي أحد طرق الإشتقاق في اللغة التي تعني مكافحة أو إزالة الأصل ف(مرَّضَ) بمعنى السعي لإزالة المرض و كذلك (قَشّر) أي أزال القشرة و هكذا

و بالمثل الفعل (حَرِّضِ) مشتق من كلمة (حرض) و (حرض الرجل) معناها: كَلَّ ، أَعْيا ، أَشْرَفَ على الهَلاكِ و هي الكلمة المستخدمة في القرآن الكريم في سورة يوسف آية 85 يقول تعالى: (قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنْ الْهَالِكِينَ ) ليصف رأي القوم في حال سيدنا يعقوب عليه السلام الذي أعياه الحزن الشديد على ابنه يوسف عليه السلام حتى كاد يهلك فيقولوا (حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا) أي أوشكت على الهلاك

إذن الفعل (حَرِّضِ) المذكور في الآية الكريمة المقصود به في اللغة العربية مقاومة الإقتراب من الهلاك (كما مرَّضَ و قَشّر) مما يعني أن الغرض من الحرب - التي أمر الله تعالى الرسول عليه الصلاة و السلام و المسلمين معه- هي حرب الغرض منها إنقاذ المسلمين من الهلاك و هو ما يتفق تماما مع الحقائق التاريخية المرتبطة بتوقيت نزول الآية التي كان الكفار وقتها يتآمرون ضد المسلمين بكل الطرق الممكنة لا لشيء سوى معتنقهم الديني إذا الآية الكريمة ليست دعوة للحرب الإعتدائية و إنما إذن بالحرب دفاعا عن النفس و إنقاذا للمسلمين من الهلاك و رد عدوان من إستباح الإعتداء على المسلمين

باقي الآية الكريمة توضح لماذا على النبي صلى الله عليه و سلم أن يـ(حَرِّضِ) المسلمون على القتال...لأنهم الأقل عددا من الكفار لهذا توضح الآية الكريمة أن القوة لا تقاس بالعدد و إنما هناك عناصر أخرى مثل قوة الإيمان و هي القوة التي تدفع المقاتل لبذل ما هو فوق طاقته العادية

في هذه الآية الكريمة و التي تليها يحدد الله تعالى العدد الأقصى و الأدنى لعدد المقاتلين الذين يواجهه المسلم حيث يختلف الناس في قدراتهم الجسدية و الروحية فتوضح أن إيمان المؤمن يمنحه قوة تجعل قوته تتراوح بين إثنين الى عشرة من الكفار

و منها إستنتج علماء الدين حدود التولي عن الزحف فإذا لقي مؤمن ثلاثة كفار وفر منهم لا يعدُّ فارّاً يوم الزحف، ولا يؤاخذه الله على ذلك. لكن إن واجهه اثنان فانسحب وتركهما يعتبر فارّاً؛ لأن الحد الأدنى هو واحد لاثنين. وتكون هذه أقل نسبة موجودة. والنسب تتفاوت بين واحد إلى اثنين حتى واحد إلى عشرة، حسب قوة الصبر وقوة الجسم وعدم التحيز إلى فئة

و سبب ثبات المؤمن أنه لا يهاب الموت و يتمسك بالحياة كالكافر. فالمؤمن يعلم أن الحياة ما هي إلا ممر للعبور الى الحياة الخالدة حيث سيكافئه الله تعالى بالجنة حيث الراحة و بالتالي فالموت ليس فكرة مرعبة بالنسبة للمسلم بينما الكافر يتعلق بالدنيا لأنه يعتقد أن الموت معناه الفناء و الإنتهاء و الذهاب في طي النسيان و بالتالي إذا هاجمه أكثر من مقاتل في نفس الوقت يحاول الفرار بأي طريقة و لهذا قال القائد العظيم خالد أبن الوليد رضي الله تعالى عنه لملك فارس: (جئتكم بقوم يحبون الموت كما تحبون الحياة)