موقع السراج

Alsiraj Banner Image

الرد على مزاعم وجود أيات عنف في القرآن الكريم

بعض المباديء السمحة في الإسلام
سادسا: تفهم الطبيعة البشرية

لسنا ملائكة...مع الأسف. تفهم هذه الحقيقة هو أحد نقاط القوة الأساسية في الإسلام و هو ما يجعل الإسلام دين عملي يصلح لحياة البشر في كل زمان و مكان.لم ينظر الإسلام للمسلمين كملائكة بل على العكس تعامل مع المسلمين بتفهم عميق للطبيعة البشرية بما فيها من مميزات و عيوب و من ثم عرف الإسلام كيف يسمو بالإنسان الى الأفضل و لإثبات هذه الفكرة اليك بعض الأمثلة

  1. التحريم التدريجي
    الكثير من أحكام الإسلام تم فرضها بصورة تدريجية مثل تحريم الخمر. ففي هذا الوقت كان عرب الجزيرة العربية يعاقرون الخمر و بنيت على الخمر تجارة كاملة تعد أحد أعمدة إقتصاد الجزيرة العربية في ذلك الوقت. لم يحرم الإسلام الخمر فجأة لما لذلك من آثار نفسية و مادية و لهذا كان تحريم الإسلام الخمر في ثلاثة مراحل:
    اولا: أوضح الإسلام أن خطورة الخمر أكبر من فوائدها وهو ما يتضح في الآية 219 من سورة البقرة قال تعالى: ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ )
    ثانيا: حرم على المسلم الصلاة و هو مخمور و هو ما يتضح في الآية الكريمة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ) – سورة النساء آية 43
    ثالثا: التحريم التام و هو ما نصت عليه الآية الكريمة: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) – سورة المائدة آية 90
  2. التوبة...باب لا يغلق
    في الإسلام التوبة دائما متاحة أمام اي مخطيء و دون الحاجة الى وسيط لهذا تعددت الآيات التي تشجع الإنسان على التوبة و منها:
    قال تعالى: (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِير) - سورة هود آية 3ٍ 
    و قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) – سورة البقرة آية 222
    و مع هذا فقد حدد الإسلام شروط لقبول التوبة و منها:
    • التوقف نهائيا عن الذنب
    • الشعور الحقيقي الصادق من القلب بالندم و فداحة الخطأ
    • العزم الصادق على عدم إتيان هذا الذنب مرة أخرى
    • إن كان الذنب يتعلق بظلم إنسان فلابد من إعاد الحق لصاحبه
  3. الخطأ...ليس نهاية العالم
    يقول تعالى في محكم كتابه: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) – سورة الزمر آية 53

    و عن ابي هريرة عن نبينا الكريم صلى الله عليه و سلم قال: ((والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم غيركم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم)) – رواه مسلم كما قال صلى الله عليه و سلم: ((كل بني آدم خطاء وخير الخطّائين التوابون)) - رواه الترمذي وأحمد و ابن ماجه و غيرهم

    و عن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قال الله تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة)) - رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح

    و قد كان النبي صلى الله عليه و سلم كثير الإستغفار فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه  قال: ((سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة)) - رواه البخاري

  4. التمتع بالحياة ليس خطيئة
    عن أبي ربعي حنظلة بن الربيع الأسيدي الكاتب أحد كتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: لقيني أبو بكر رضي الله تعالى عنه فقال: كيف أنت يا حنظلة؟
    قلت: نافق حنظلة
    قال: سبحان الله ما تقول
    قلت: نكون عند رسول الله صلى الله عليه و سلم يذكرنا بالجنة والنار كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه و سلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا
    قال أبو بكر رضي الله تعالى عنه: فوالله إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلت: نافق حنظلة يا رسول الله
    فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: وما ذاك؟ 
    قلت: يا رسول الله، نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي العين فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا.
    فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((والذي نفسي بيده، لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذكر، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، لكن يا حنظلة ساعة وساعة ثلاث مرات)) - رواه مسلم

    و عن أنس بن مالك رضي الله عنه يقول جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالوها فقالوا وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال أحدهم أما أنا فإني أصلي الليل أبدا وقال آخر أنا أصوم الدهر ولا أفطر وقال آخر أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني – رواه البخاري

    و عن أبي هريرة رضي الله عنه أنهم قالوا يا رسول الله: إنك تداعبنا قال: ((إني لا أقول إلا حقا)) -  رواه الترمذي 

    و عن ابي ذر رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((تبَسُّمُكَ في وجهِ أخيكَ لك صدقةٌ، وأمرُكَ بالمعروفِ ونَهْيُكَ عن المنكرِ صدقةٌ، وإرشادُك الرجلَ في أرضِ الضلالِ لك صدقةٌ، وبَصَرُكَ للرجلِ الرِّدِيءِ البصرِ لك صدقةٌ، وإماطتُكَ الحَجَرَ والشَّوْكَ والعَظْمَ عن الطريقِ لك صدقةٌ، وإفراغُكَ من دَلْوِكَ في دَلْوِ أخيك لك صدقةٌ)) – رواه الترمذي 1956

الاستنتاج
الاسلام لا يريد تصعيب حياة البشر و لا يتوقع منهم ما لا يقدرون عليه نظرا لطبيعتهم البشرية بل على العكس يريد الإسلام لنا جميعا أن نتمتع بالحياة و لكن دون الإضرار بالأخرين ففي الإسلام (انت حر ما لم تضر). إن كنت غنيا فاستمتع بنعم الله عليك لكن لا تنسى الفقير. إمزح و اضحك و لكن ليس على حساب الآخرين فالمسلم بشوش و ليس كئيبا...و المسلم يحب الإقناع و المناقشة و لا يفرض رأية بالصراخ و التجاوز في حقوق الآخرين أعلم –مع الأسف- أن سلوك البعض يعطي انطباعا مغايرا ولكن رجاء عزيزي القاريء تذكر انه سلوكهم هم و في الحقيقة بعيد كل البعد عن روح الإسلام البسيطة السهلة المرنة و المحبة